تهنئة للديمقراطية..!!
صفحة 1 من اصل 1
تهنئة للديمقراطية..!!
كشف مصدر مسؤول كبير في تصريحات خاصة لـ»العالم» ارقام المبالغ التي يتسلمها اعلى 10 موظفين في الدولة، كرواتب ومخصصات، طبقا لبيانات قدمتها مكاتب هؤلاء المسؤولين، لكنه قال ان هذه المعلومات ربما تكون اقل مما ينفق في الحقيقة بسبب عدم وجود طريقة لتدقيق حسابات الكبار، في وقت علق رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي على الامر بالقول، أن مؤسسته لا تمتلك التفاصيل الدقيقة لمصروفات الطبقة السياسية العليا، لأن مرتبات هؤلاء ومخصصاتهم «بلا قانون» محملا مجلس النواب السابق كامل المسؤولية حيال غموض ملف المصالح المالية لأكبر 10 موظفين في العراق.
وقال كلا المسؤولين ان المشكلة هي ان الجهات الرقابية تعلم نسبيا بالمرتبات وجزء من المخصصات، لكنها «لا تعلم بملايين الدولارات التي تصرف للرئاسات كمنافع اجتماعية ينفقها الساسة في فعل الخير العام، وانه لا توجد طريقة لتدقيق ذلك» خاصة وان المعلومات المهمة في هذا الاطار لا توجد الا في «الموازنة التفصيلية» المودعة لدى وزير المالية والتي لم تنشر حتى الآن.
وكانت «العالم» فتحت منذ اعدادها الاولى، ملف رواتب الرئاسات الثلاث ومخصصاتهم، كما حاولت خلال الاسبوع الماضي ان تتحرى مرتبات ومخصصات «اغنى 10 موظفين في الدولة» وهم رئيس الجمهورية ونائباه، ورئيس الوزراء ونائباه، ورئيس البرلمان ونائباه، اضافة لرئيس مجلس القضاء الاعلى، لكن ارقام اللجان البرلمانية ومكاتب الساسة ظلت متناقضة وغير واضحة، وبات الملف برمته غامضا.
وفي هذا الصدد كشف مسؤول كبير اشترط عدم كشف هويته، ان السلطات الرقابية في الدولة «ليس لديها نص قانوني مدون يحدد حجم مرتبات أغنى عشر موظفين في الدولة لأن مكاتبهم هي التي تتولى تحديد المرتب والمخصصات والمنافع الاجتماعية».
وأضاف في مقابلة مع «العالم» ان «كل المعلومات المتوفرة حول الأمر هو خطابات رسمية من مكاتب الرؤساء توضح تلك الأرقام، رغم ان عدداً من مسؤولي أجهزة الرقابة الكبار غير مقتنعين بدقة الأرقام المقدمة من مكابت الرئاسات».
وذكر على سبيل المثال ان مكتب الرئيس جلال طالباني «لم يكشف عن حجم المنافع الاجتماعية المتاحة للرئيس، لكن المكتب ذكر ان الرئيس يتلقى شهرياً راتباً ومخصصات تبلغ 75 مليون دينار (أي 900 مليون دينار سنوياً) ونحو 700 ألف دولار سنويا».
وذكر المكتب ان بين ذلك المبلغ نحو 45 مليون دينار مخصصات، بينها 2 مليون و250 ألف دينار «للضيافة».
كما ان كلا من نائبي رئيس الجمهورية، كما قالت مكاتبهم للجهات الرقابية، يتلقون مرتبا مع المخصصات قدره 60 مليون دينار شهريا (سنويا 720 مليون دينار، اي نحو 600 ألف دولار سنويا). دون كشف تفاصيل ذلك ولا حجم المخصصات او المنافع الاجتماعية. وكان نائب الرئيس عادل عبد المهدي تحدث لوسائل الاعلام مطلع العام الجاري قائلا انه يتلقى نحو مليون دولار شهرياً، مرتبا ومخصصات ومنافع. ويقول المصدر ان مكتب رئيس الوزراء ابلغ الجهات الرقابية بأنه «يتلقى 36 مليون دينار شهرياً (432 مليون دينار سنويا، اي نحو 360 ألف دولار سنويا) بينها 21 مليون دينار مخصصات خطورة لكنه لم يكشف مخصصات الضيافة ولا المخصصات الاستثنائية».
المصدر استغرب الرقم لأن معلوماته تشير «إلى أن المالكي مثل رئيس الجمهورية في الحقوق المالية، وليس اقل منه» لكنه اكد عدم وجود سبيل «لتدقيق ذلك».
وحسب المصدر نفسه فإن رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي مدحت المحمود يتلقى مرتبا «أقل من مرتب الوزير، هو 10 ملايين دينار شهرياً دون علم بمخصصاته»
اما نائب رئيس الوزراء «فيتلقى 17 مليون دينار دون علم بمخصصاته»، ولم يقدم رئيسا مجلس النواب لا الحالي اياد السامرائي ولا السابق محمود المشهداني كشف مصالح مالية ولا يعرف مرتبهما لجهات الرقابة حسب المصدر نفسه.
اما تقاعد كل من هؤلاء فهو عبارة عن «80 في المائة من الراتب والمخصصات مجتمعين لذلك نخرج بأرقام كبيرة». وزاد المصدر ان واحدة من المشاكل التي تعترض محاسبة هذه الاطراف بشأن مبالغ «طائلة» انفقت بوجوه عديدة، هو عدم وجود سقف قانوني للنفقات الرئاسية.
ويوضح «في العادة يوجد سقف يحدد مصروفات الكبار لكن في العراق ليس هناك سقف محدد، فمكاتب كبار المسؤولين تنفق بلا سقف، ولا قيد، ولا يوجد أساس قانوني يحاسبون على ضوئه حتى لو صرفوا مليار دولار».
وتابع «ما يقلقنا هو وجود منافذ متعددة للنفقات، لا يمكن معها ضبط المبلغ النهائي، ولذلك لا يمكن ان تدقق مصروفات الكبار بشكل اصولي ونهائي».
وتعليقا على هذه المعلومات قال القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة في تصريح لـ»العالم» ان «رواتب كبار المسؤولين بنيت بشكل غير منطقي عموماً».
ويضيف انه وفي كل بلدان العالم يتلقى الموظف التشريعي اقل من الموظف التنفيذي، لأن مسؤوليات الأول أقل ولا أحد يلاحقه بعقود وسياسات. «لكن النواب العراقيين استبقوا الأمر وقالوا: لن نحدد رواتبنا برقم. نحن نأخذ بقدر الوزراء. وخصموها! وهذه مخالفة واضحة لقاعدة عالمية، وعليها نقيس باقي الاشياء».
وحسب معلومات القاضي العكيلي فإن هيلاري كلينتون على سبيل المثال سجلت نموذجاً مهماً في هذا الإطار، فقد كانت عضوا في الكونغرس الأميركي تتلقى راتب موظف تشريعي أقل بكثير من راتب الوزير. وحين انتقلت كوزيرة خارجية في إدارة باراك أوباما «أجبرتها أجهزة الرقابة على أن تبقى تتسلم مرتب نائب البرلمان حتى لا تختلط الصفقة السياسية بشبهة الحصول على مرتب أعلى».
وبشأن تصريح نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي عن تلقيه مليون دولار شهرياً، قال العكيلي ان المرتب اقل من ذلك بكثير لكن عبد المهدي يتحدث عن «المنافع الاجتماعية لا المرتب». ويقول العكيلي «لم تتوفر لدى هيئة النزاهة حتى الآن، معلومات عن تفاصيل المبلغ الضخم للمنافع، او تقديرات الاولية حتى».
ويضيف «لا يوجد هذا الرقم في أي سجل رسمي إلا في الموازنة التفصيلية الموجودة عند باقر جبر الزبيدي وزير المالية، وهي غير منشورة، والمفروض أن تنشر كما يحصل في باقي دول العالم».
وعما كان بإمكان هيئة النزاهة الحصول على هذه الموازنة غير المنشورة، قال العكيلي «نحن نحاول الحصول عليها ونأمل أن نتعرف على التفاصيل من خلالها، وسنضع الأرقام المتعلقة بمصروفات الرئاسات بين يدي وسائل الإعلام حين تتوفر لدينا».
ويقول العكيلي ان المشكلة الأساسية في مصروفات الرؤساء «هي عدم صدور القوانين التي نص عليها الدستور، فهناك 3 قوانين تنظم 3 فقرات دستورية تتعلق بالوضع المالي للرئاسات الثلاث، لكن البرلمان رغم انه عمل بشكل طبيعي 4 اعوام، لكنه لم يشرع هذه القوانين».
ويبدو ان العكيلي طلب من البرلمان مراراً أن يشرع هذه القوانين لكن النواب لم يحركوا ساكناً «وهم يتحملون كامل المسؤولية بشأن نقص المعلومات حول رواتب الرئاسات ومنافعهم الاجتماعية التي يفترض أن تنفق في وجوه الخير العامة» حسب قوله.
وزاد ان البرلمان «كان يصرخ بقوة بشأن الفساد، لكنه لم يشرع القوانين الثلاثة الخاصة بنفقات الرئاسات وهي بمئات الملايين».
ولذلك فهو يرى ان الإصلاح يبدأ من مجلس النواب وعليه أن يضع القوانين الثلاثة المتعلقة برواتب الرئاسات ونفقاتها، على جدول أولوياته القصوى «لأن إزالة الغموض عن هذا الملف هو حجر أساسي لنزاهة مؤسسات الدولة، فإذا انفقت عشرات ملايين الدولارات بلا قانون، فكيف نحصل على قطاع عام نزيه؟» كما يتساءل القاضي العكيلي.
وحسب تقديراته فإن الموظفين العشرة الاعلى هم ارفع المسؤولين في القطاع العام الذي يعاني مشكلة فساد كبيرة «والإصلاح يبدأ من إزالة الغموض بشأن المستحقات المالية للعشرة الكبار».
ويرى ان المشكلة تتمثل في وجود «حماية قانونية لجميع المصروفات في مكاتب الرئاسات، بسبب غياب القوانين الرئيسية، حيث تم اللجوء لنصوص قانونية بديلة ومؤقتة تجعل من الصعب محاسبة أحد على المصروفات وطريقة الانفاق وحجمه» مشيرا الى أن غياب القانون «جعل الدولة تسمح لمكاتب الرئاسات بأن يضعوا بأنفسهم رواتب الرؤساء ومستحقاتهم، إذ لا نتصور أن يبقى رئيس الوزراء بلا مرتب انتظاراً لصدور القانون، لكن تصرف مكاتب الرئاسات يتعارض مع قاعدة النزاهة الأولى وهي مبدأ (تعارض المصالح) فإذا كنت أنت الذي تحدد راتبك بنفسك فإنك بالتأكيد ستقوم تغليب مصلحتك على المصلحة العامة التي هي هدف القانون».
وتعتبر مرتبات كبار المسؤولين في العراق ومخصصات مكاتبهم، بمثابة الالغاز التي ليس من السهل معرفة حجمها النهائي. وكشفت جريدة «العالم» مطلع العام الجاري نقلا عن النائبة شذى الموسوي، ان مجمل مخصصات الرئاسات الثلاث، يتجاوز 800 مليون دولار اميركي سنويا، وأن مرتبات كل منهم غير معروفة للبرلمان.
ويعد تكتم الجهات العليا في الدولة على الارقام النهائية لمرتبات المسؤولين، امرا يفتح الباب على تداول ارقام غير رسمية بهذا الشأن. ويقول خبراء ان التكتم على مرتبات الكبار سببه خشيتهم من كشف مبالغها الطائلة للرأي العام في بلد يعيش فيه ملايين الفقراء.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى